على السلع القادمة من الهند، في خطوة تهدد العلاقات التجارية بين البلدين وتفتح الباب أمام
أزمة اقتصادية جديدة. وتأتي هذه الإجراءات على خلفية استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي
رغم العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
تفاصيل الرسوم الجمركية الأمريكية على الهند
فرضت الإدارة الأمريكية رسوماً إضافية بنسبة 25% على واردات الهند النفطية، لتنضم إلى الرسوم السابقة
البالغة 25% على مجموعة واسعة من المنتجات مثل الملابس، الأحجار الكريمة، المجوهرات، الأحذية،
الأدوات الرياضية، الأثاث، والمواد الكيميائية.
وبذلك ترتفع الرسوم الجمركية إلى 50%، وهي الأعلى على مستوى العالم.
هذا القرار قد يؤدي إلى تراجع كبير في الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد ينعكس سلباً
على قطاعات صناعية كثيفة العمالة مثل المنسوجات والجلود. ووفقاً لتقديرات خبراء التجارة، قد تتراجع
صادرات الهند إلى السوق الأمريكية بما يتراوح بين 40% و45% خلال عامي 2025 و2026.
الخلاف بين واشنطن ونيودلهي بسبب النفط الروسي
جاءت هذه الخطوة بعد تصريحات لترامب اتهم فيها الهند بأنها تموّل حرب
فلاديمير بوتين في أوكرانيا عبر استمرارها في شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة.
بينما ردت نيودلهي بأن وارداتها من الطاقة الروسية تهدف إلى ضمان استقرار السوق المحلي وتلبية
احتياجات الاقتصاد الأسرع نمواً في العالم.
زادت واردات الهند من النفط الروسي بشكل غير مسبوق منذ بداية الحرب الأوكرانية عام 2022،
حيث باتت تمثل نحو 37% من صادرات روسيا النفطية. هذا الارتفاع وفّر لشركات هندية مثل
مجموعة “ريلاينس” أرباحاً ضخمة من تكرير النفط وإعادة تصديره للأسواق الأوروبية.
تأثير القرار الأمريكي على الاقتصاد الهندي
يرى خبراء الاقتصاد أن الرسوم الجمركية بنسبة 50% قد تخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند
بما يتراوح بين 0.6 و0.8 نقطة مئوية سنوياً. كما ستؤدي إلى فقدان آلاف فرص العمل في الصناعات
الموجهة للتصدير مثل النسيج والأحذية والأحجار الكريمة.
ورغم أن الولايات المتحدة تُعد أكبر سوق تصدير للهند بصادرات بلغت نحو 87 مليار دولار في 2024،
فإن هذه القيمة لا تمثل سوى 2% من الناتج المحلي الإجمالي للهند، وهو ما يمنح نيودلهي بعض المرونة
لتقليل الأثر عبر تعزيز السوق المحلية.
تداعيات على الأسواق المالية الهندية
شهدت الروبية الهندية تراجعاً لتصبح أسوأ عملة أداءً في آسيا هذا العام،
كما تكبدت بورصة بومباي خسائر مع خروج استثمارات أجنبية بقيمة تقارب 5 مليارات دولار منذ يوليو.
ورغم ذلك، يرى محللون أن هذه الأزمة قد تدفع حكومة ناريندرا مودي
إلى تسريع الإصلاحات الاقتصادية ودعم القطاعات الأكثر تضرراً.
موقف روسيا والصين من القرار
رفض الكرملين العقوبات الأمريكية، واعتبرها غير قانونية، فيما واصلت الصين شراء النفط الروسي
بكميات ضخمة، لتظل مع الهند أكبر مستوردين للطاقة الروسية. وتعهدت موسكو ونيودلهي بزيادة
حجم التبادل التجاري ليصل إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، في خطوة
تؤكد على تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
معلومات عن اللقاء التجاري بين الهند والولايات المتحدة
كان من المقرر أن يزور وفد تجاري أمريكي نيودلهي بين 25 و29 أغسطس لإجراء الجولة السادسة من
المفاوضات، لكن الزيارة أُجّلت بعد التصعيد الأخير. وتُظهر هذه التطورات أن إمكانية التوصل إلى
اتفاق تجاري شامل قبل نهاية العام باتت ضعيفة في ظل تصاعد الخلافات.
يشكل فرض الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 50% على الصادرات الهندية منعطفاً حاداً في العلاقات
الاقتصادية بين البلدين. وبينما ترى واشنطن أن القرار وسيلة للضغط على نيودلهي لتقليص تعاونها مع
موسكو، تصر الهند على مواصلة شراء النفط الروسي باعتباره ركيزة لاستقرار اقتصادها.
وبذلك يبقى المستقبل مفتوحاً على سيناريوهات عدة، أبرزها تعزيز الهند لعلاقاتها مع روسيا
والصين على حساب شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.